بسم الله الرحمن الرحيم
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) [الفتح]ما الفرق بين الاعتذار وقبول الاعتذار والعفو عمن أخطأ بحقنا :
السماح أصعب بكثير من الاعتذار ,
الاعتذار عن الخطأ فضيلة واجبة على المخطأ ورغم صعوبته ورغم أن السماح أو العفو ليس واجبا إلا إنه أيضا صعب فعادة ما تميل النفوس إلى الانتقام لنفسها وخاصة مع المقدرة.
و بعض الناس لا يغفرون ولا يقبلون عذرا ً مع أن رسولنا صلى الله عليه وسلم ندب إلى قبول العذر دائما فقال :
( التمس لأخيك سبعين عذرا فأن لم تجد له عذرا ًفقل له عذرا )
وقال عليه الصلاة والسلام " ما نقصت صدقة من مال , وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً , وما تواضع احد لله إلا رفعة الله "
وليس كل اعتذار باللسان اعتذار صادق فقبل أن نتحدث عن قبول الاعتذار يجب أن نعرف ما هو الاعتذار الحقيقي :
الاعتذار هو فعل نبيل وكريم يعطي الأمل بتجديد العلاقة وتعزيزها وهو التزام . . . لأنه يحثنا على العمل على تحسين العلاقة وعلى تطوير ذاتنا وحتى نعترف بأخطأنا صادقين يجب أن نتمتع ببعض الصفات نوجزها فيما يلي :
القوة للاعتراف بالخطأ.. ثم الشعور بالندم على التسبب بالأذى للآخر ..و استعدادنا لتحمل مسؤولية أفعالنا من دون خلق أعذار أو لوم الآخرين . . . ويجب أن تكون لدينا الرغبة في تصحيح الوضع من خلال تقديم التعويض المناسب و التعاطف مع الشخص الآخر بالإضافة إلى فوائد تخص المعتذر مع نفسه . . سيساعده الاعتذار على التغلب على احتقاره لذاته وتأنيب ضميره له.. و سيفتح له باب المواصلة مع من يخطأ بحقهم .
إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) سورة النساءوبعد هذا التعريف المبسط للاعتذار نتحدث عن قبول الاعتذار أو العفو عمن أخطأ بحقنا ، وحتى نسامح من أخطأ بحقنا يجب أن نتخطى مشاعر الغضب الناتجة عن الأذى الذي تعرضنا له ، وهو لا يعني نسيان ما حدث ولكن التغاضي عنه مع الاستمرار في التعامل مع المسيء بحب . . . ومن يسامح يشعر بسعادة غامرة وصفاء نفسي ولا يكون لديه غضب مكتوم أو إظهار غير ما نبطنه ، وهناك من النبلاء من يمكنه مسامحة المسيء حتى ولو لم يعتذر ويعترف بذنبه
ومن كلمات شيخ الإسلام أبن تيمية :أحللت كل مسلم عن إيذائه لي.
وقد كان فعله ككلامه مع أعدائه وترجمة كلاهما : من ضاق صدره عن مودتي، وقصرت يده عن معونتي كان الله في عونه وتولى جميع شؤونه، وإن كل من عاداني وبالغ في إيذائي لا كدر الله صفو أوقاته ولا أراه مكروهاً في حياته، وإن كل من فرش الأشواك في طريقي، وضيق عليّ السبل، ذلل الله له كل طريق وحالفه النجاح والتوفيق