للسنة الاولى

27 سبتمبر 2006

-

مذكرات مدرسية (1) : الخطوة الأولى ..

متى تعلمت الحروف والأرقام ؟!

لا أذكر ذلك تحديدًا ..

ما أعرفه أنني دخلت الصف الأول الابتدائي وأنا أعرفهم جيدًا ..

لم أخض أي من مراحل ما قبل التعليم الأساسي ( حضانة ، روضة ، تمهيدي ، .. إلخ ) ، ودخلت المدرسة الابتدائية بشكل مباشر ..

هذا الأمر تم احتسابه لمصلحتي !

" لو الولد ما مشى في المدرسة فهو معذور لأننا ما دخلناه روضة وتمهيدي زي أخوانه ! "

كان من المفترض أن أبدأ الدراسة الابتدائية في السنة التي سبقت بدايتي الفعلية ، ولكن فرق الشهرين بين تاريخ ميلادي وتاريخ القبول الرسمي في الابتدائية وقف عائقًا ..

لو أردتم الصراحة ، لم يكن عائقًا بمعنى الكلمة ..

مدير المدرسة يعرف والدي .. كان مدرسه في المرحلة الابتدائية ( المدير مدرس والدي وليس العكس ! ) ، كما أن والدي من الأصدقاء المقربين لابن عم المدير .. مما يعني أن هناك " واسطة " ما وأن مسألة قبولي ، برغم فارق الشهرين ، ليست بالأمر الصعب ..

ولكن المدير نصح والدي بعدم الاستعجال ، وقال أنه ليس من مصلحتي أن أدخل قبل التاريخ المحدد لقبولي ، وأن هذا قد يسبب بعض المشاكل في مسيرتي التعليمية ، وفيما يبدو أن والدي كان يحترم آراء مدرسه القديم !!

أهلي لم يضيعوا هذه السنة هدرًا ..

أذكر جيدًا والدتي وهي تكتب لي مسائل الجمع والطرح لأقوم بحلها ..

ذات مرة ، أصابني الملل من الجمع والطرح ، فكتبت لي مسائل ضرب !! لم أفهم كيف يحلونها ولم تفهمني أمي ، فجاء رد فعلي : " إيش هالخرابيط ؟! " ..

قبل سنوات ، كنت مع زميل لي نتحادث خارج المسجد بعد الصلاة عندما شاهدت أحد أصدقاء جدي رحمه الله فسلمت عليه ، ليستلمني بوصلة مدح أمام زميلي : " نزار هذا شاطر من صغره .. كان يقرا الجرايد من قبل لا يدخل المدرسة " !

قبل لا أدخل المدرسة ؟!

أشك في ذلك !

كنت أتهجى العناوين .. ممكن !

كنت أهتم بالجرايد وأسأل عنها عشان أتهجى العناوين .. معقول !

كنت أعتبر نفسي أقرا الجرايد لما أتهجى العناوين .. تنبلع !

بس أقرا جرايد مرة وحدة ؟! صعبة شوي .. خصوصًا وأنها كانت جريدة وحدة اللتي كان يشتريها والدي !

كأنني لم أتكلم عن المدرسة بعد ؟!

أذكر اليوم الأول جيدًا ..

الحديقة أمام الفصول الأولى ..

الكيك والميرندا ( لم يجدوا بيبسي ذلك اليوم ! ) ..

و " مين عنده نشيدة ؟! "

و " مين حافظ سورة من القرآن ؟! "

و " بنشوف الحين صديقكم ( محمد ) وهو يسوي استعراض كاراتيه ! "

وأنا ملتصق في الكرسي المجاور لوالدي مستغربًا ممن يقول نشيدة وممن يسمّع سورة من القرآن ومن كاراتيه ( محمد ) ..

" أكيد هذولا كانوا في التمهيدي ! " ..

في اليوم الثاني ، طلبوا منا أن نختار أحد الفصلين .. أول أ .. أو أول ب !

اخترت أول أ .. دون أسباب مقنعة .. أو ربما لأنه الأقرب للحديقة !

جلست في الصف الثاني بجوار الشباك .. أعتقد أن للحديقة تأثيرها فعلاً !

تركني والدي وقال أنه لن يخرج من المدرسة وإنما سيكون عند المدير .. وصدّقته يومها !

أعادوا ترتيب الطلاب بناءً على الطول ، وأعادوني كرسيًا للوراء .. فبقيت لفترة من الزمن كارهًا لمن وضعوه في الكرسي الذي اخترته !

جاري في الفصل كان ( فهد ) قريب ( محمد ) راعي الكاراتيه ! مع قريبهم الثالث ( يوسف ) .. مع مرور الوقت أصبحت رابعهم .. وكانوا شلتي !

الآن أفكر ..

هل يمكن أن أكون الآن في شلة تتكون من ثلاثة أقرباء وأنا رابعهم ؟! نو وَي !

طوال الأسبوع الأول كان والدي يكذب كذبته اليومية ، ومع مرور الوقت أحسست بأنه ليس عند المدير ، ولكن لم أهتم لذلك كثيرًا ..

آخر الأسبوع أخبرني والدي بالحقيقة ، ففاجأته : " أدري " !

لو قمت بعملية إحصائية ، وحاولت تذكر أسماء من قاموا بتدريسي في الجامعة لما تذكرت نصف أسمائهم !

ولكن أسماء مدرسي الابتدائية لا يمحون من الذاكرة .. كالنقش على الحجر فعلاً !

المدرس الأساسي كان الأستاذ ( محمود أبو غزالة ) وكان يدرسنا جميع المواد باستثناء التربية البدنية ( خالد الدحيم ) والتربية الفنية ( مصطفى البغدادي ) ..

أذكر كتاب ( القراءة الحديثة ) ..

كنا أول مجموعة يتم تدرسيهم هذا الكتاب ، حتى أن أول ب كان كتابهم مختلفًا .. ( الهجاء والكتابة ) ..

( القراءة الحديثة ) لم تكن تبدأ بالحروف ..

الدرس الأول كان : أحمد .

الدرس الثاني : هند .. هند أخت أحمد .. أحمد يقول : هذه أختي هند .

الدرس الثالث : حازم .. حازم شقيق أحمد وهند .. أحمد يقول : هذا أخي الأكبر حازم .

وتستمر الدروس ونتعرف على عائلة أحمد التي استمرت معنا طوال السنة وفي السنوات التالية ..

( في السنوات التالية أخبرنا طلاب أول ب كل التفاصيل الممكنة عن أحمد وعائلته الكريمة ! ) ..

الكتاب لم يكن يخلو - من وجهة نظري طبعًا ! - من بعض الأخطاء الطباعية ..

تنوين الفتح .. " نسوا الهاء اللي فوقها نقطتين ! "

تنوين الضم .. " يه ! حتى في هذا الدرس نسوها ! "

تنوين الكسر .. " لو يدرون عنا طلاب أول ب كان ضحكوا علينا وعلى كتابنا ! "

وأضفت الناقص وصلحت أخطاء الكتاب بقلمي !!

ما الذي أذكره أيضًا من الصف الأول ؟!

أذكر أول مرة أشتري فيها من المقصف ..

اشتريت زعتر ولم أعرف كيف أزيل القرطاسة الملفوفة فيها !

بقيت بعدها 3 سنوات لا أشتري زعتر !

أذكر حصص الرياضة .. مثلي لا ينساها !

والمباراة الموسمية بين أول أ وأول ب التي تقام في الفسحة ..

فزنا عليهم واحد صفر !

لا أذكر حصص الرسم !

أذكر " أسبوع العنقز " !

أصبحت بالعنقز ( الجدري المائي ) وطلب مني الدكتور البقاء أسبوعًا في البيت ..

لم أصبر ! غبت السبت والأحد وذهبت الاثنين !

" نزار جا يا أستاذ .. نزار جا " ..

هل كنا نقيم احتفالاً بكل من يحضر بعد غياب يومين أم كنت أنا الاستثناء ؟! لا أذكر في الواقع !

أذكر أن الاستاذ أكمل الاحتفالية وأخذني لمكتب المدير حتى يحضر والدي ويستلمني !

" وش جايبك وإنت معك عنقز ؟! " ..

أذكر " يوم التطعيم " ..

أجروا علينا فحص مبسط في البداية ثم عدنا للفصول ..

" مين الأبطال اللي يروحون المسجد يتطعمون أول ؟! " ..

يقف الأول ..

والثاني ..

وأقف معهم !

نذهب ستة إلى المسجد ونصطف في مواجهة طاولة التطعيم ..

" مين البطل اللي يتطعم أول ؟! "

ننظر في وجوه بعض ولا يتقدم أحد .. أبطال قدام الأستاذ .. وقدام الغريب لأ !

يدخل علينا أحد الطلاب وهو يركض : " نزار لا تطعم ! الأستاذ يبيك ! "

أعطاني الأستاذ ورقة للوحدة الصحية وطلب تسلميها لوالدي ، وكنت مع كم طالب ممنوعين من التطعيم !

ماذا لو كنت قد " عملت فيها بطل " وتطعمت ؟!

أذكر " يوم تطعيم " آخر ..

هذه المرة تطعيم في الفم ..

" بسيطة بسيطة .. زي البيبسي بالليمون " ..

وحوار جانبي بيني وبين جاري ..

" طيب واللي ما يحب البيبسي بالليمون ؟! "

" أصلاً تلقى مهوب طعمها زي البيبسي بالليمون بس يقصون علينا ! "

في نتيجة الفصل الدراسي الأول كنت الثالث على الفصل ، وأعطوني شهادة تقدير ..

كانت النتيجة مفاجئة لأهلي ..

أخوتي كانوا بعيدين دائمًا عن المراكز الأولى ..

" لو ما دخلناهم روضة وتمهيدي كان أحسن ! " ..

ذات طابور صباحي ، كان الأستاذ ( أبو غزالة ) يتحدث مع مدرس آخر لا أعرفه ويشير لي : " هذا اللي بيطلع الأول عليهم هالسنة " ..

قبل النتيجة النهائية ، كانت لعبة التوقعات ..

أمي تؤكد أنني سأكرر نتيجة الفصل الأول وأطلع الثالث !

والدي - ربما مجاملةً أو تشجيعًا - يقول أنني سأطلع الأول !

وأنا - متأثرًا بكلام الأستاذ - صففت إلى جانب أبي ..

وأمي ربحت في النهاية !

بعدها أدخل أخوتي في رأسي موضوع الواسطة ..

" في فصلك ولد مدير المتوسطة اللي جنبكم لازم يطلعونه الأول "

" ولا تنسى ولد مدرس الرياضة حقكم أكيد هو الثاني "

عن نفسي .. كنت مبسوط بالثالث .. لم أخطط له .. بصراحة لم أخطط لشيء .. أهلي كانوا ينتظرون مني أن أنجح ( مع وجود العذر لو أخفقت ! ) .. نجحت وطلعت الثالث .. خير وبركة !

المهم الإعتماد على النفس والرضا بالواقع
عموما البداية دائما تكون صعبة

موضوع: رد: للسنة الاولى الأحد 04 يناير 2009, 6:49 pm

شكرا لك اختي ملكة المنتديات..................مشكووووووووووووووووورة