في ظلال آيات كريمات
فضيلة الشيخ / عبد الرحمن السعدي
قال سبحانه وتعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [سورة الأنعام: 102-103].
قال سبحانه وتعالى:﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 102-103].
قال سبحانه:﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ﴾ أي المألوه المعبود، الذي يستحق نهاية الذل له . ونهاية الحب . الرب: الذي ربى جميع الخلق بالنعم و؟؟ عنهم النقم .
﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ﴾ أي: إذا استقر وثبت، أنه الله الذي لا إله إلا هو فاصرفوا له جميع أنواع العبادة وأخلصوها لله سبحانه . واقصدوا بها وجهه. فإن هذا هو المقصود من الخلق الذين خلقوا لأجله ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ … [الذريات:56] .
﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ أي: جميع الأشياء تحت وكالة الله وتدبيره، خلقاً وتدبيراً وتصريفاً .
ومن المعلوم أن الأمر المتصرف فيه يكون استقامته، وتمامه، وكمال انتظامه .
بحسب حال الوكيل عليه . ووكالته تعالى على الأشياء . ليست من جنس وكالة الخلق فإن وكالتهم، وكالة نيابة . والوكيل فيها تابع لموكله .
وأما الباري تبارك وتعالى . فوكالته من نفسه لنفسه، متضمنة لكمال العلم وحسن التدبير والإحسان فيه . والعدل . فلا يمكن أحداً أن يستدرك على الله ولا يرى في خلقه خللاً ولا فطوراً ولا في تدبيره، نقصاً وعيباً .
ومن وكالته: أنه تعالى . توكل ببيان دينه . وحفظه عن المذيلات والمغيرات وأنه تولى حفظ المؤمنين وعصمهم عمَّا يذيل إيمانهم ودينهم .
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ لعظمته وجلاله وكماله . أي: لا تحيط به الأبصار . وإن كانت تراه في الآخرة، وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم . فنفي الإدراك لا ينفي الرؤية بل تثبتها بالمفهوم . فإنه إذا نفى الإدراك الذي هو أخص أوصاف الرؤية . دلَّ على أن الرؤية ثابتة .
فإن لو أراد نفي الرؤية لقال:" لا تراه الأبصار" ونحو ذلك فعلم أنه ليس في الآية حجة لمذهب المعطلة الذين ينفقون رؤية ربهم في الآخرة . بل فيها ما يدل على نقيض قولهم . ﴿ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ أي هو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن . وسمعه بجميع الأصوات الظاهرة والخفية، وبصره بجميع المبصرات صغارها وكبارها ولهذ قال: ﴿ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ الذي لطف علمه وخبرته ودق حتى أدرك السرائر والخفايا، والخبايا، والبواطن .
ومن لطفه أنه يسوق عبده إلى مصالح دينه ويوصلها إليه بالطرق التي يشعر فيها العبد، ولا يسعى فيها ويوصله إلى السعادة الأبدية والفلاح السرمدي من حيث لا يحتسب حتى إنه يقدر عليه الأمور التي يكرهها العبد، ويتألم منها ويدعو الله أن يزيلها لعلمه أن دينه أصلح وأن كماله متوقف عليها فسبحان اللطيف لما يشاء، الرحيم بالمؤمنين
في ظل آية
موقع لجنة الطبوعات
قال تعالى :{110-111 } { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا } ... (الاسراء : الآية 110 ، 111)
قال تعالى :﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ ... [الاسراء:110ـ111]
يقول تعالى لعباده: ﴿ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ﴾ أي: أيهما شئتم. ﴿ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ أي: ليس له اسم غير حسن، أي: حتى ينهى عن دعائه به، أي: اسم دعوتموه به، حصل به المقصود، والذي ينبغي أن يدعى في كل مطلوب، مما يناسب ذلك الاسم.
﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ﴾ أي: قراءتك ﴿ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾ فإن في كل من الأمرين محذورًا. أما الجهر، فإن المشركين المكذبين به إذا سمعوه سبوه، وسبوا من جاء به.
وأما المخافتة، فإنه لا يحصل المقصود لمن أراد استماعه مع الإخفاء ﴿ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ ﴾ أي: بين الجهر والإخفات ﴿ سَبِيلًا ﴾ أي: تتوسط فيما بينهما.
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ له الكمال والثناء والحمد والمجد من جميع الوجوه، المنزه عن كل آفة ونقص.
﴿ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾ بل الملك كله لله الواحد القهار، فالعالم العلوي والسفلي، كلهم مملوكون لله، ليس لأحد من الملك شيء.
﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ﴾ أي: لا يتولى أحدًا من خلقه ليتعزز به ويعاونه، فإنه الغني الحميد، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات، في الأرض ولا في السماوات، ولكنه يتخذ أولياء إحسانًا منه إليهم ورحمة بهم ﴿ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴾
﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ أي: عظمه وأجله بالإخبار بأوصافه العظيمة، وبالثناء عليه، بأسمائه الحسنى، وبتجميده بأفعاله المقدسة، وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له.
كانت هذه وقفة من تيسير الكريم الرحمن ، وهو تفسير للشيخ ابن سعدي .